” إلى أولئك المهاجرون الباحثين عن حريتهم، ومستقبل الإنسانية، إلى من زهقت أرواحهم في بحار الموت”
هكذا أهدى الكاتب دلي الصغير العنزي روايته الهجرة بحثاً عن الحياة، الرواية التي أعجبت بفكرتها رغم خوفي من تفاصيلها، أحداث الرواية تدور بين دول عديدة منها: السنغال، ليبيا، المغرب، موريتانيا.
ففي كل دولة حكاية مؤلمة لصاحبها تختلف عن الآخر لكنها تتشابه بالظلم والقسوة في حياة ما عاد فيها أمل.
الرواية جميلة بفكرتها واسلوب سرد الكاتب كان رائع وكنت أتساءل كيف سيجمع الكاتب كل هؤلاء في توقيت واحد ومكان واحد وظرف واحد!؟ وكانت هذه متعة الرواية التي لن أحرق تفاصيلها الجميلة لكم، وفي الرواية كثير ما تجعلك تستشعر النعم التي تعيشها اليوم وان كانت بسيطة فقد تناسينا أهمية لاعتيادنا عليها في يومنا.
أن تكون عضو في نادي كتاب وقهوة للقراءة يعني أن تكون ضمن عائلة، مهما كنت مختلف في جنسيتك، مذهبك، انتمائك، جنسك، وعيك، ثقافتك، أنت ضمن هذه العائلة التي لا يتخلى أفرادها عن أحد مهما عصفت الرياح بهم لذلك أسميتهم عائلتي وأهديت لهم كتابي واخترتهم بعناية ليكونو من ضمن عائلتي ومجموعتي الثقافية، ولم يكن اختياري يوماً خاطئ فهم يحملون من الذوق والأدب والوعي والثقافة مالا يحمله غيرهم لذلك أحبهم. كان هذا اللقاء الأول لنادي القراءة في عام ٢٠٢٣ واللقاء الأول أيضاً لمناقشة كتابي الأول كتاب وقهوة مع مجموعة قراءة، لن تتخيلو الرهبة التي شعرت فيها وأنا في حضرة المثقفين، وكمية السعادة التي غمرتني وأنا استمع لآرائهم في الكتاب وقرائتهم ما بين السطور لمشاعري التي وصلت لهم دون أن أتفوه بكلمة، إن لم تكن هذه عائلة إذاً ما هي العائلة؟ شكراً لكل من حضر و كل من ناقش وكل من قرأ أسعدني اللقاء و النقاش والوعي والرُقي .. والشكر كذلك لدار قرطاس ومديرها دلي العنزي الجندي خلف هذا الإصدار بكل ما فيه من عقبات واستضافته ودعمه الدائم لي وللكتاب وللنادي ..
منالمهمأنلاتختارالكتابكونه ( الأكثرمبيعاً) أو ( الأكثرشهرة) أو ( اشترتهالجههالفلانيةبالكميةالفلانية) فهيكلهاكلماتتسويقيةقدتكونحقيقيةوقدلاتكون،وقديناسبكمحتواهوقدلا،تصفحالكتابومافيهأولاًإنوجدتماتبحثعنهفقمبشرائه.
عندما دخلا المكتبة أحاطت بهما رائحة عطرة، روائح الكتب والحبر والجلد وشمع النحل والسبحات المصنوعة من خشب الأرز، والرفوف المصنعة من خشب الجوز” اقتباس من رواية (الفتى المتيم والمعلم) للروائية التركية العالمية (أليف شافاق) أنت حقاً لن تشعر بالوحدة طالما لديك مكتبة، أنا أؤمن جداً بهذه الفكرة، فوجود المكتبة لن يجعلنا منفصلين عن العالم الخارجي كما يعتقد البعض، بل تجعلنا نسافر لكل البلاد والمحيطات ونختلط بكل الأجناس من البشر ونحن نجلس على كرسي مريح في منزلنا.
جاء هذا الكتاب يجمع عدة مقالات، منها ما كتبتها مسبقاً في مدونتي مع بعض التعديلات ومنها ما هو جديد. سيكون كتاباً خفيفاً لطيفاً مرافقاً لك في أوقاتك اللطيفة، لعل أحد مقالاته تنير بقلبك شيئاً من النور والجمال، وأستذكر مقولة أحبها جداً للرائع (روبن شارما) تقول: “في كتاب من الكتب، في صفحة من الصفحات، في سطر من الأسطر هناك كلمة ستغير مجرى حياتك”، وأتمنى أن تجد هذه الكلمة هنا بين طيات هذا الكتاب.
في شارع ٨٤ تشارينغ كروس في إنجلترا ( لندن ) تقع مكتبة تتميز ببيعها لكتب لم يعد يتم طباعتها، كانت قد رأت الكاتبة الأمريكية ( هيلين هانف) ذلك الإعلان عن المكتبة في مجلة ( مراجعة الأدب) وهي في نيويورك في ٥ أكتوبر ١٩٤٩م.
كانت مكتبة ( ماركس وشركائه ) في لندن متخصصة في إيجاد الكتب التي لم يتم إعادة طباعتها وشراء نسخ مستعملة من القراء او الكتاب ويُلقبون أنفسهم بـ ( بائعو الكتب الأثرية).
كانت الكاتبة الأمريكية ( هيلين) فقيرة نوعاً ما ومن الصعب أن تحصل على كتب أثرية لاعتقادها أنها باهظة الثمن ومن الصعب الحصول على الكثير من الكتب في نيويورك وقتها، لذلك قامت بمراسلة المكتبة لطلب نسخ مستعلمة ورخيصة من قائمة الكتب التي ترغب بها دون أن يتعدى سعر الكتاب عن ٥ دولارات.
كانت تحب إضافة كتب جديدة لمكتبتها المصنوعة من كراتين البرتقال في شقتها الصغيرة، وكانت تحب الكتب المستعملة وتفتح أكثر صفحة قرأها المالك السابق للكتاب لتعرف مالذي أعجبه كأنها تحاوره.
وبدأت مراسلاتها مع مدير المكتبة ( فرانك دويل) وأصبح يرد على كل طلب من طلباتها، وكان اصعب ما تواجهه هو تحويل العملات بين الدولار والـ شيلين ، وكانت تقوم بالتعليق أيضاً على الكتب المرسلة إما تمدح الغلاف أو تنتقد كاتب وكأنها تتحدث في نادي القراءة.
حتى أنها بدأت تهديهم هدايا وهم يردونها لها كذلك، ففي وقتها بدأ عصر الطعام المعلب فقامت بطلب طلبية مختلفة من الطعام المعلب وأرسلته لهم الى لندن مما أثار استغراب صاحب المكتبة وفريقه.
ورغم انها لم تحصل على الشهادة الجامعية لكنها كانت مثقفة جداً وتقوم بتأليف المسرحيات حتى حصلت على عرض لتأليف المسلسلات التلفزيونية وازدادت شهرتها منذ ذلك الوقت.
في نهاية الستينات مات صاحب المكتبة السيد ( ماركس) و مديرها ( فرانك) ووصل الخبر للكاتبة ( هيلين ) التي لم تستطع زيارة لندن خلال العشرين سنة الماضية من المراسلات ووكان خبر صدمة بالنسبة لها، وعلمت بأنه سيتم هدم المكتبة فقامت بزيارتها قبل ذلك.
اشتهرت الكاتبة ( هيلين ) كثيراً وألفت الكثير من الكتب حتى أنها قامت بتأليف كتب عن الملكة ( اليزابيث الثانية) التي عاصرت وقت اعتلائها عرش بريطانيا وكانت تأمل بحضور التتويج ولم تستطع.
قصة الكاتبة ( هيلين ) ملهمة كثيراً في وقت كان الحصول على الكتب من دول أخرى يعد أمراً صعباً ومع ذلك لم تتوقف أبداً، فقد ولدت في ١٥ ابريل ١٩١٦ وتوفيت في ٩ ابريل ١٩٩٧. وتأليفها لكاتبها ( شارع ٨٤ تشارينغ كروس) يعد أكثر كتبها شهرة، والذي تحول الى مسرحية وفلم أيضاً.
ملاحظة: جميع الصور هي الصور الحقيقية للكاتبة و مكتبة ( ماركس ) في لندن وبعض من رسائلها التي قامت بكتابتها ..