قائمة الاهمال

جيم كولينز، متخصص الإدارة من ستانفورد، أمضى خمس سنوات من عمره مع فريقه البحثي للإجابة عن سؤال واحد: لماذا هناك شركات في السوق كانت (جيدة) ثم تحولت لشركات عظيمة في غضون سنوات؟ بمعنى آخر.. هناك شركات كانت في يوم من الأيام (جيدة) في مبيعاتها، وتحقق هامش ربح (جيد) ولديها حضور (جيد) بين منافسيها. نفس الشركات هذه، وصلها قائد جديد، وحولها في فترة محدودة لتصبح شركات (عظيمة) في أرباحها.. عظيمة في أهدافها.. عظيمة في تأثيرها. السؤال الصعب: هل هناك خطوات عملية نستطيع أخذها من كل هذه النماذج الناجحة؟ هل هناك قاسم مشترك بين كل هذه المنظمات؟ هل هناك خلطة سرية أحدثت الفرق؟ لأن الجواب سيفتح بابا جديدا، وسيتم نقل هذا الفيروس (العظيم) للمنظمات الأخرى.

مكث الرجل خمس سنوات في رحلة البحث عن هذا الجواب، والذي تحول لكتاب ملهم اسمه *(جيد إلى عظيم) Good To Great*، لكن الذي يهم في هذه العجالة، أن نعرف ما هي الخطوة رقم واحد التي قام بها كل قائم عظيم عند الوصول لدفة القيادة في منظمته! يقول كولنز: كنا كفريق بحث متوقعين أن الخطوة رقم واحد «أن يضع هذا القائد خطة استراتيجية.. خطة انتقالية.. عصف ذهني.. فريق استشاري عالمي.. استحواذ على منافس..» كانت هذه كلها خطوات متوقع حدوثها. لكن الذي حدث كان مختلفا تماما، والمذهل في الموضوع أنه تكرر في كل مرة مع كل هذه الشركات، برغم أنها في قطاعات مختلفة كالتغذية والأدوية والتقنية. الخطوة الملهمةوالمفاجئة في نفس الوقتأن هؤلاء القادة لم يبدؤوا بمربع (ما يجب أن نفعله الآن) To do lists، وإنما بدؤوا بالعكس تماما، وهو *(ماذا يجب أن نتوقف عن فعله) Not to do lists*، وهو ما يسميه كاتب هذه الأحرف *(قائمة الإهمال)*! عندما شرحت قائمة الإهمال لمجموعة من كبار رجال الأعمال في الرياض في ليلة تسويقية، وذكرت أنها يقصد بها ببساطة: ما هي الأعمال.. المنتجات.. التي يفترض أن نتوقف عن عملها أو إنتاجها لأنها لا تحقق لنا أهدافنا؟ سواء كانت أهدافا مالية.. أو استراتيجية.. لا بد من تحديد تلك المنتجات التي تأخذ جهدا ووقتا وعائدها علينا ضعيف، حددها أولا، ثم أهملها ثانيا، وأدخلها سلة المهملات. بعد ذلك بأسبوعين اتصل أحد رجال الأعمال الحاضرين، وذكر أنه جمع الإدارة العليا ووجه لهم (سؤال الإهمال) وكانت الصدمة أنه بالفعل هناك منتجات كان يفترض أن نوقفها من سنوات. ويضيف.. أصبحت الشركة الآن أكثر تركيزا، وأصبح هناك وقت أكبر يتم إنفاقه في مشاريع أكثر أهمية. حتى من الناحية المالية، تحسنا بشكل ملحوظ.

ويبقى السؤال المهم:ما هي الأمور التي في حياتك يجب أن تتوقف

العصامية

في منطقة (سانت لويس) عام ١٩٠٨، (سارة بريدلاف) الشغوفة بصنع منتجات الشعر تتحدى الصعاب لتتحول من غاسلة الثياب الى أشهر تاجرة بعد سنوات من العمل، ولقبت بأول مليونيرة بعد تأسيسها شركة مدام ( سي جي ووكر) للصناعات، وكتبت عنها صحيفة ( نيويورك تايمز) مقالاً عن نجاحها.

شغفها في صنع مستحضرات الشعر نبع من فقدانها لشعرها بسبب ضغوطات الحياة التي كانت تمر بها، وكانت تؤمن أن شعر المرأة قوتها، كانت متزوجة من السيد ( ديفيس) وتم إعتقال زوجها وبعد خروجه من السجن تغيرت شخصيته كثيراً وأصبح يضربها، ولم يتحمل شكلها بعد فقدانها لشعرها فهجرها، كانت منهارة وفقدت الأمل في الحياة كثيراً.

في يوماً ما زارتها سيدة تدعى ( آدي مونرو) وهي منتجة لمنتجات إنبات الشعر وكانت معروفة في المنطقة، قررت مساعدة (سارة) بتجربة منتجها عليها، وفعلاً بعد شهور قليلة نبت شعر ( سارة ) من جديد واستعادت ثقتها بنفسها.

فقررت الطلب من السيدة ( آدي ) أن تقوم بالتسويق والبيع كمندوبة مبيعات للمنتج رغم أنها غير متعلمة، كانت ترغب أن ترى كل إمرأة سمراء سعيدة بشعرها، لكن السيدة ( آدي ) رفضت وفضلت توفير بائعات ذوات بشرة أفتح للبيع، فقامت ( سارة ) بالاستعانة بـ ٢٠ علبة وباعتها فعلاً في السوق والتحدث عن قصتها كوسيلة دعائية للمنتج وعادت للسيدة ( آدي ) لتعطيها مبلغ الربح لتقنعها بأنها تستطيع بيع المنتج، ولكن السيدة ( آندي ) اعتبرتها سرقة وان ( سارة ) لا يمكن ان تحون مندوبة مبيعات لان شكلها غير مناسب، فقررت ( سارة ) أن تبدأ بصنع منتج لشعرها.

تزوجت من صانع الإعلانات ( سي جي ووكر)، ونجحت فعلاً باكتشاف تركيبتها الخاصة بالشعر ونجحت في بيعه، وبسبب انتقال السمر وقتها في أمريكا الى منطقة ( إنديانا بوليس) نتيجة الأوضاع الاقتصادية، فقررت الانتقال للمنطقة عام ١٩١٠ لبيع منتجها والابتعاد عن السيدة ( آندي ) التي ستقوم بمضايقتها.

وبدأت بتطوير منتجها ونشر اعلانات في المنطقة وتحويل منزل عائلة زوجها الى صالون حلاقة المتخصص في الشعر، وبدأت بالعمل على عملها بطرق قانونية وإنشاء شركتها وتوفير محامي خاص فيها لتبدأ فعلياً بعملها. وبدأت أولى التحديات، فقد أهمل زوج ابنتها مكان صناعة منتجات الشعر فاحترق المنزل بالكامل، فقد اتضح في ما بعد بأن السيدة ( آندي ) تقوم بالدفع له حتى تحصل على اسرار السيدة ( وولكر ) وتعيق تقدمها.

لكن ( سارة ) لم تكن من النساء اللاتي يستسلمن بسهولة، فقررت البحث عن مستثمرين للبدء بإنشاء مصنعها الخاص بمنتجات الشعر، وحين فشلت في ذلك حاولت اللجوء الى أشهر رجل أسود على حد قولها في أمريكا وقتها وهو المتحدث ( بوكرت واشنطن) الذي كان يقدم محاضرات للرجال السود لتشجيعهم على التجارة، ولكنها لم تنجح أيضاً لأن النساء لم يكن مرحب بهم، وكان يعتقد السيد ( بوكرت) ان مواضيع الجمال والتجميل أمر تافه، ولا يرغب بأن تقوم النساء بالاستقلال المالي والتفوق على الرجال.

فقامت باقناع المؤسسات النسائية الخاصة بالسود بالاستثمار في المصنع، وقد حصلت بالفعل على الكثير من المستثمرات من بينهم زوجة السيد ( بوكرت) وقد أتاح إنشاء هذا المصنع فرص عمل للكثير، وأصبح مصنعها الأكبر في المنطقة، وبدأت بافتتاح صالونات وولكر بالكثير من المناطق وقامت بتدريب العديد من المندوبات ومديرات الأفرع لتولي تلك المهمة بعد حصولهم على أعلى مبيعات.

وقاكت ابنتها الوحيدة ( ليليا) بافتتاح صالون يدعى ( ذا دارك تاور) في ( هارلم) وانتقلت للعيش في ( نيويورك) .

قامت بعدها أيضاً بالتعاقد مع متاجر لبيع منتجاتها في نيويورك، وبسبب انشغالها الدائم بشركتها ومصنعها وتحقيق طموحها، وبالرغم من وجود زوجها بجانبها والذي يعتبر أيضاً شريكها في الشركة والمصنع فقد قام بخيانتها مع احدى مندوباتها ( دورا) والتي قامت ( آندي) بطلب ذلك منها بهدف تحطيم ( سارة ) بأي طريقة، وايضاً جعلت زوج ابنتها يقوم بسرقة مكونات خلطاتها السرية.

تعرضت بعدها لوعكة صحية خطيرة ( فشل كلوي) لم يتوفر له العلاج حينها، وطلب منها الطبيب المعالج أن تقوم بأخذ راحة من العمل مدة عام على الأقل فرفضت، قررت أن تقوم بجمع جميع موظفين شركتها وعددهم ما يقارب ١٠ آلاف إمرأة في حفل يضمهم جميعاً.

قام زوجها ( طليقها فينا بعد ) بالكشف لخطيبته ( دورا ) أن الخلطة التي قامت ( سارة ) هي بالفعل من اختراع ( آندي ) وقد قامت ( سارة ) بتطويرها، وحاولت ( آندي ) مقاضاتها وفضحها ولم تستطع فقد وثق الناس بـ ( سارة ) واستسلمت ( آندي ) للأمر.

قامت ( ليليا) ابنه السيدة ( ووكر) بتبني ( فيري ماي ) وتربيتها وتعليمها الى ان تتخرج من الجامعة، لترث فيما بعد الشركة وتكون الوجه الاعلامي لها بعد وفاة ( سارة ) عام ١٩١٩م و ( ليليا ) وأصبحت رئيسة الشركة في عام ١٩٣١ م، وقد تزجت مرتين وانجبت طفلين، ( أليليا باندلز) أحد أحفادها حافظت على إرث مدام ( سي جي ووكر ) .

اسم السيدة ( ووكر) مسجل في موسوعة ( غينيس ) للأرقام القياسية بصفتها أول مليونيرة صنعت ثروتها بنفسها في الولايات المتحدة.

من خلال هذه القصة نعرف لو رغبت إمرأة بصنع مجدها فيمكنها ذلك رغم صعوبة الظروف في تلك الفترة، وكيف بدأت من الصفر حتى وصلت للقمة، ولكن هل نعتبرها فعلاً قامت باختراع منتج منمي الشعر أم قامت بسرقته ونجحت في تسويقه؟ مجرد سؤال ..

صورة للمصنع ( صورة حقيقية )

السيدة ( ووكر ) وطاقم عملها ( الصورة حقيقية )

احد صالونات السيدة ( ووكر) وفريق العمل

صورة لاحدى اعلاناتها عن منتجات الشعر

صورة لمقالة كتبت عنها وعن قصة نجاحها

الصورة الحقيقية لها في طابع

جيد إلى عظيم

قام جيم كولينز المستشار الإداري بإنشاء فريق عمل مكون من 20 باحث لكتابة كتابه (جيد الى عظيم) وعملو مالا يقل عن 15 ألف ساعة عمل (خلال 5 سنوات) في مشروع معرفة (سر نجاح بعض الشركات الصغيرة الى شركات عظيمة)وتصحيح لمفاهيم إدارية مغلوطة كنا نستعين فيها على مدار السنوات.

كان يعتقد جيم كولينز وفريقه مثلنا تماماً أن الشركات التي تبدأ عظيمة تستمر بذلك والشركات الصغيرة تبقى كما هي أو تعلن إفلاسها وتغلق شركاتها خصوصاً بعد التغييرات الإقتصادية الكبيرة التي تحدث حول العالم وتأثيرها على الشركات.

وتم اختيار عدة شركات ودراسة حالتها السوقية وقيمة السهم خلال فترات متفاوته، منها شركة كوكاكولا، بنك اف امريكا، والت ديزني، جنراك الكتريك، بيبسي ، جونسون ودونسون، وكذلك تم دراسة المدراء التنفيذيين في الشركات وان كان لهم دور في نقل الشركة من جيدة الى شركات عظيمة ومقابلة بعضهم لمعرفة طرق نقل الشركات ونجاحها على مدار أعوام، منهم دافيد ماكسويل، داروين سميث، إياكوكا، آلان وورتزل وغيرهم

اعتبر هذا الكتاب من الكتب المهمة والأساسية لأي إداري أو صاحب مشروع لمعرفة أساسيات نجاح الشركات والأفكار الكبيرة التي تفيد أصحابها.

عايلة فن رن إقتصادية

حضرت العرض الأول للمسرحية الفكاهية ( عايلة فن رن)، وأعجبتني فكرة المسرحية والنص الذي تحدث عن قضية المسرحين الكويتيين (ومصاريف ) الكويتيين التي لا تنتهي، ومدى الآثار التي حلّت بالأسرة. جميل أن تكون مسرحياتنا بهدف جميل وسامي ، وكيف كان الإيثار من الزوجات لانقاذ زوجهم و عدم تشرد عائلتهم بطابع غلبته الكوميديا. أما في الواقع فبالفعل هذا ما يحدث ، فكثير من الأسر تشردت و حالات طلاق ازدادت بسبب الصرف المبالغ فيه على الكماليات وليس الهدف الاستمتاع الشخصي كانت المصيبة أهون، إنما لأجل جذب انتباه الآخرين ( وبط عين بعضهم). كل تلك الأعذار الغير مبررة ستقتل صاحبها مادياً ولن يهتم الآخرين. لا يعني ذلك أن تمنع نفسك من السفر والاستمتاع ، لكن عليك أن تكون واعي لما تقوم به لتحقيق أهدافك المالية.

ما أحزنني في المسرحية هو حال دولتي هناك مثل يقال ( ان كنت أن تريد أن تعرف تطور دولة فانظر الى فنها) وفي الكويت نملك طاقات فنية ابداعية ولكنها تعمل بطاقات فردية، في المسرح الذي أقيمت فيه المسرحية كانت في ملعب نادي القادسية و عجبت من نقل كراسي المسرح لصالة تدريب وتحويله لمسرح. في المسرحية بدأت تسقط كراسي الزوار ويحضر شخص ( المطرقة) ليقوم بتصليح الكرسي، في البداية تضايقت من هذا المنظر ولكن سرعان ما خلقت ٧٠ عذر لهم، ففي الكويت لا يوجد مسرح جديد راقي يضاهي المسارح العالمية، ولا يوجد اهتمام من الدولة لانشاء مسارح أكثر وأجدد وبتطورات أكثر وأكبر.

النقطة الثانية كان عتبي على طاقم العمل، المسرحية جميلة ولكنها لا تناسب من اهم اقل من ١٦ عام لوجود بعض المرادفات التي تناسب أعمارهم ، كما كان هناك بعض ( السب) في المسرحية ووجود أطفال عدد كبير في المسرح، ووجود لقطة رعب أرعبت الكثير منهم لتوقعهم بأن المسرحية فكاهية فقط.

في النهاية… من الجميل حقاً أن تكون هناك نصوص مسرحية تخدم عقليات معينة في المجتمع ، وتطرح قضية مهمة يعاني منها الشعب الكويتي بكثرة والحل ليس باسقاط القروض فقط بل بمعرفة مفهوم الادخار والادارة المالية الشخصية.

20130809-114835.jpg